قبل أن نذكر كيفية المعالجة بالألوان يجب أن نعّرف اللون أولا، الألوان لا تنتج إلا عن الضوء الذي هو ذاته عبارة عن طاقة، وفيزيائيا عرفت الألوان على أنها جزئيات من الضوء بموجات مختلفة السرعة والطول، ووفقا لذلك نجد أنه توجد ألوان نستطيع رؤيتها وأخرى لا نستطيع رؤيتها لأن أعيننا تبصر ألوان تحمل موجات وذبذبات معينة ونحن لن نستطيع أن نرى الألوان بدون ضوء.
وعلى ذلك فنحن نحتاج إلى الضوء والظلام والألوان لأنها تؤثر علينا جسديا ونفسيا، وكثرة تعرضنا لألوان معينة يؤثر على أجسامنا بالدرجة الأولى ثم على حالتنا الشعورية بالدرجة الثانية.
إذا توقفنا وحاولنا تفسير طبيعة العلاقة بين الألوان وجسم الإنسان، نجد أن الضوء الذي هو مصدر الألوان يؤثر على غدد معينة في جسم الإنسان، ويحفزها على إفراز هرمونات معينة أيضا، ولذلك نجد جسم الإنسان يزداد نشاطه ويميل للحيوية والتيقظ في النهار، ويميل إلى السكون والهدوء في الليل ومثل هذه العملية تتم تلقائيا وبالفطرة والدليل على ذلك أننا ننام جيدا بالليل وإذا حاولنا النوم في النهار يكون نومنا مزعج وغير مفيد للجسم.
نجد أيضا أن كل عضو أو عضله أو عظمه في جسدنا لها ذبذبة محددة، ومن ثم يتم اختيار اللون الذي يتوافق مع هذا التردد وإذا تغير تردد أي ذبذبة في أي جزء من أجزاء الجسم، فإن ذلك ينتج عنه المرض، الذي من الممكن علاجه ببساطه عن طريق إمداد الجزء المتغير ذبذبته بلونه المناسب له.
وإذا حاولنا صياغة هذه العلاقة بشكل آخر نجد أن كل عضو من أعضاء الجسم له لون معين فالقلب لونه أحمر، والكبد لونه عنابي مائل إلى البني، والرئة يكون لونه أحمر، والكبد لونه عنابي مائل إلى البني، والرئه يكون لونها فاتح جدا يميل إلى الرمادي، فأجسامنا من الداخل متلونة وهذا ليس افتراضا وإنما حقيقة أثبتها علم الجراحة والتشريع بعد إطلاعهم على جسم الإنسان من الداخل وإثباتهم أن الأعضاء والعضلات ملونه.
وبناءاً على ذلك فإن العلاج بالألوان يعتمد على إمداد جسم الإنسان ومناطقه المختلفة وتحديدا المريضة بالألوان المناسبة حتى يتحقق الشفاء. وإمداد جسم الإنسان بالطاقة الموجودة في الألوان يتم بعدة طرق أبسطها التعرض لأشعة اللون العلاجي نفسه، أو تناول الأطعمة التي تتفق ألوانها وطاقتها مع لون وطاقة العضو المراد علاجه، وقديما قال الحكماء أخبرني ماذا تأكل أخبرك من أنت.
هل يعني ذلك أن كل لون يرتبط بعلاج عضو معين في الجسم أو على الأقل بإمداده بالطاقة اللازمة لاستمرار عمله وحمايته من المرض؟
بالتأكيد فكل لون يرتبط بعضو معين أو شفاؤه إذا مرض، وذلك ومن خلال الخصائص ودرجة وقوة الطاقة التي يتمتع بها كل لون ولنتناول بالتفصيل خصائص وطاقة بعض الألوان الموجودة في الطبيعة من حولنا.
وسنبدأ باللون الأخضر الذي يمثل لون الطبيعة والنمو والتوازن ويعبر عن التناغم مع الأشياء من حولنا، ويمكننا أن نستخدمه كرمز للسلام، ومن حيث الطاقة هو لون متوسط الطاقة والذبذبة، وتبلغ طاقته 3500 أنجستروم، وطاقة هذا اللون إيجابية 100% ومعروفة عنه أنه قادر على امتصاص كل الطاقات السلبية من كل الأجسام الحية وغير الحية التي تتعرض له.
والدليل على ذلك أن الإنسان المكتئب أو الحزين عندما يجلس في مكان ملئ بالأشجار والنباتات الخضراء يزول اكتئآبه ويصبح سعيد ونشيط.
أيضا معروف أن الفراعنة هم أول من استخدم الألوان للعلاج، واللون الأخضر كان له مكانه خاصة عندهم، حيث استخدموه كغطاء لجسد الفرعون بعد تحنيطه ومن ثم وضع الجسد المحنط والمكفن باللون الأخضر في الثلث الأول من مقبرة على شكل هرم، لأنه وفقا لعلم الفونغ شوي أو طاقة المكان فإن الشكل الهرمي يعمل على تركيز وتجميع الطاقة بداخله، والجزء الأول من قمة الهرم تتركز أعلى طاقة، ولنلاحظ معا الحكمة من ذلك وضع الجسم المحنط في مكان ذو طاقة عالية وإحاطته بلون طاقته عالية ومتزنة أيضا هذا التصرف أو التقليد لم يأتي قطعا بدون علم ودراسة.
القرآن الكريم أشار إالى اللون الأخضر واعتبره لون أهل الجنة، من خلال الآية الكريمة: {ويلبسون ثيابا خضر من سندس وإستبرق}
والطاقة في اللون الأخضر تكون متزنة ومجردة من كل السلبيات، وكذلك أهل الجنة تكون نفوسهم صافية وقوية ومنزهة عن كل الصفات السلبية من فسق وكذب والتي تمثل الطاقة السلبية.
اللون الأخضر مناسب جدا في غرف النوم لأنه يساعد على الاسترخاء والهدوء وهي صفات مطلوبة حتى ينام الشخص براحة وبدون تعب، ولا يناسب اللون الأخضر أماكن العمل التي نحتاج فيها إلى بذل مجهود ذهني أو جسمي، لأنه كما ذكرنا لون يساعد على الإحساس بالهدوء والسلام والتناغم ويشجع على الراحة وهي أمور لا تناسب طبيعة ومتطلبات أي عمل.
ثانيا: اللون الأحمر هو أعلى الألوان طاقة ويرمز إلى القوة والحيوية ويتمثل بالنار وتبلغ طاقته 0056 أنجستروم، وهو اللون الوحيد الذي لا نستطيع أن نستخدمه في غرف النوم وأماكن الراحة والاسترخاء لأنه يصدر ذبذبات عالية تؤدي إلى زيادة في حركة ونشاط الخلايا وتسارع دقات القلب، وبالتالي فإن الشخص الذي ينام في أماكن مليئة باللون الأحمر سيعاني من الأرق والكوابيس والأحلام المزعجة.
اللون الأحمر يناسب كثيرا الأماكن المخصصة للعب الأطفال، والأماكن التي تحتاج إلى النشاط والحيوية لإنجاز العمل بها، وهو يدل أيضا على كرم الضيافة والطموح والمشاعر الجيّاشة، لذلك نلاحظ أن المطاعم الشهيرة تعتمد على استخدام اللون الأحمر في ديكوراتها حيث يتم استخدامه كلون للمفارش والورود.
ثالثا: اللون الأصفر هو لون الأرض ويعبر عن الصلابة وقوة العقل، وتحمل أشعة اللون الأصفر التيارات المغناطيسية الموجبة التي نتنفسها وتثيرنا فتقوى وتنشط حركة الأعصاب في الجسم، وتنبه العمليات العقلية العليا، ويولد الطاقة في العضلات ويحسن البشرة، وينظف ويعالج الجروح، وخصوصا مرض الأكزيما، كما يستخدم لكل حالات الروماتيزم والتهابات المفاصل، لأنه يساعد على تحلل الترسبات الكلسية التي تترسب في المفاصل، وفي حالة نقصان أشعة هذا اللون في أي جزء من أجزاء الجسم فإنه يؤدي إلى الشلل الجزئي أو الكلي لذا هو اللون المناسب لعلاج هذه الحالة.
ينصح دائما بأن نجلس وخلفنا قطعة لونها أصفر خاصة لمن يعملون في أعمال كتابية، لأنه يساعد على الإبداع في الكتابة، ويفضل استخدامه في أماكن تجمع الأسرة وغرف النوم لأنه لون يساعد على تخفيض الطاقة وبالتالي يمهد لعملية الاسترخاء والراحة ويزيد من مشاعر التجاوب والجو الأسري الحنون.
رابعا: اللون الأزرق الباهت والسماوي منه يعبر عن نبل الأخلاق والمثالية في التقوى، ويشير الأزرق الناصع إلى الإخلاص والوفاء، واللون الأزرق هو لون الصفاء والهدوء ويناسب كثيرا غرف النوم وأماكن الراحة لأنه يقلل الشعور بالغضب ويزيل ضغوط الحياة.
يناسب اللون الأزرق أماكن الاجتماعات التي يكثر فيها المجادلات والمشاحنات لأنه يساهم في تقليلها وتهدئتها.
وبالفطرة نجد الأشخاص الذين يعانون من ضغوط وحالات قلق يلجئون لاستنشاق هواء البحر، وبالفعل تزول كل مشاكلهم والسبب الحقيقي لذلك هو أن حركة الأمواج في البحر إضافة إلى لونه الأزرق يساعد على سحب الطاقة السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية وتجديدها في المناطق المحيطة بالبحر.
وعندما نتحدث عن كل الألوان فإن صفاتها تنطبق على كافة درجات اللون المختلفة ولكن بتفاوت في قوتها أيضا فمثلا الأزرق الكحلي يكتسب مواصفات اللون الأزرق إلى جانب صفات اللون الأسود وكلما مالت درجة اللون إلى القتامة وتحديدا في حالة اللون الكحلي يزداد إحساس الشخص بالحزن.
خامسا: اللون البنفسجي هو لون الهدوء، ويفضل استخدامه في دورات المياه والحمامات، وكثرة التعرض له تزيد الشعور بالحزن لذلك كان يرمز له بالحزن في الأغاني القديمة وهو لون الروحانيات واحترام الذات والشرف.
سادسا: البرتقالي يرمز اللون البرتقالي إلى الطاقة، والفاتح منه يدل على الصحة والحيوية، والداكن منه يدل على الغرور.
أشعة اللون البرتقالي تستخدم في حالة الإرهاق والتعب، ومعالجة حصى الكلى والمرارة، وعلاج المغص الحاد والتشنجات العضلية.
البرتقالي من مشتقات اللون الأحمر والبنفسجي بنسب مختلفة واللون البرتقالي مناسب لغرف الطعام والممرات لأنه لون الترحيب ومساعد على عملية الهضم.
سابعا: اللونين الأبيض والأسود، الأبيض هو انعكاس لجميع الألوان، والأسود امتصاص لجميع الألوان، الأبيض يستخدم مع الألوان أخرى لأنه يساهم في تحقيق التوازن لكل الألوان التي ترتبط به.
أما اللون الأسود فكثرة التعرض له تزيد من شعورنا بالحزن وتعمق إحساسنا بذاتنا، وكلما تعمق إحساس الإنسان بذاته كلما هاجت الأحزان المكبوته في النفس.
لذلك نجد بعض القساوسة ورجال الدين المسيحيين الذين وصلوا لمراحل معينة من العلم والورع يرتدون اللون الأسود لأنهم يملكون شعور عميق بالإيمان يعززه ويقويه ارتداؤه للون الأسود.
وأخيرا يفضل أن يترك الإنسان نفسه على فطرتها وطبيعتها في طبيعة الألوان التي يتعرض أو يتعامل معها في ملبسه ومأكله ومسكنه، لأن الجسم يميل إلى تعويض النقص في طاقته تلقائيا، وهذا ما يفسر سلوكياتنا وتفضيلنا لتناول طعام معين دون الآخر أو ارتداء أزياء بألوان معينة.
أيضا الفيتامينات ترتبط بالألوان حيث نجد أن الأطعمة التي يكون لونها أصفر أو أخضر مثل الليمون أو الكمثرى (الأجاص) تكون غنية بفيتامين (c) والأطعمة الحمراء مثل الطماطم والتفاح الأحمر تكون غنية بفيتامين (B21) أو B المركب.
والأطعمة الصفراء اللون تكون غنية بفيتامينA، والأطعمة الكحلية اللون أو التي لونها أزرق داكن تكون غنية بفيتامين K، والأطعمة البنفسجية تكون غنية بفيتامين E
وأخيرا نود أن نشير إلى أن العلاج بالألوان كطريقة علاجية لا تحتاج إلى مجهود في تعلمها وفائدتها تكمن في أنها تساعدنا على التواصل مع أنفسنا وطاقاتنا وتؤهلنا للتجاوب مع كل الأشياء المحيطة بنا ومع مشاعرنا أيضا.