التسبيح الذي يمدنا بالطاقة عندما ندعوا إلى الله
ملاحظة : حاول عد الآيات التي جاء فيها التسبيح ، والتي لها علاقة بالدعوة إلى الله ، حتى تعلم جيداً ، أن الدعاة إلى الله هم أصلاً مسبحين لله ، فالتسبيح عندهم أهم من الأكسيجين الذي يتنفسونه .
فما هو سر العلاقة بين الدعوة إلى الله والتسبيح ؟
سورة الطور : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
تأمل التسبيح هنا جاء مرتين .
وَقَوله: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} قَالَ ابْن عَبَّاس: بمرأى منا، وَيُقَال: نَحن نرَاك ونحفظك ونرعاك.
وهذا ينطبق على كل داعية مخلص إلى الله .
(لِحُكْمِ رَبِّكَ ) : حكم ربك : هو الدعوة إلى الله ، إلى آخر رمق في حياتك ، ولا تقنط ولا تيأس من هداية أحدهم .
ومما يدلنا على أن (لِحُكْمِ رَبِّكَ ) : هو الدعوة إلى الله ، ما جاء في سورة القلم ، حين أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر على الدعوة ، وأن لا يكون كصاحب الحوت :
سورة القلم : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
فهذا الصبر في مجال الدعوة إلى الله يحتاج إلى طاقة غيبية ، نستمدها من التسبيح الحق .
كذلك ما جاء في سورة الإنسان :
سورة الإنسان : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)
والإنسان الذي يدعوا إلى الله ، لا بد من أن يتلقى ما يسيء من الكلام ، وهنا يأتي الصبر على ما يقولون ، وذلك بأن لا ترد أساءتهم بمثلها :
سورة الحجر : وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)
وبطبيعة الحال هذ الدفع يحتاج طاقة غيبية نستمدها من التسبيح .
وهم يقولون كلاماً سيئاً وليس حسناً ، وعلى الداعية إلى الله أن يقابل السيئة بالحسنة :
سورة فصلت : وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
كذلك نجد أن الصبر على ما يقولون يحتاج إلى طاقة غيبية نستمدها من التسبيح :
سورة طه : فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
سورة ق : فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
سورة ص : اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)
في هذه الآيات ، يأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم ، بالصبر على ما يقولون ، والصبر على مشاق الدعوة إلى الله ، وهذا الصبر يحتاج إلى قوة تستمد من التسبيح الحق ، فعلى الدعاة إلى الله في كل زمان ومكان ،أن يسبحوا الله التسبيح الحق ، التسبيح الذي يمدهم بالطاقة الغيبية التي تسهل مهمتهم .
والدعوة إلى الله هي أفضل وظيفة عرفتها الأرض على مدى العصور ، لأن أنبياء الله هم أفضل خلق الله ، وكانت وظيفتهم الدعوة إلى الله .
تأمل ارتباط الدعوة إلى الله بالتسبيح .